Sunday, January 13, 2008

يمامة - أحدث قصيدة للأستاذ محمد القدوسي



قليلة جدا هي تلك الأشياء التي تنعش الروح في هذه الحياة و من أهمها على الأطلاق - بالنسبة لي - هذه القصيدة:




يمــامـــة

شعر: محمد القدوسي



سأحكي لها كلَّ شيءٍ

كأني أريد لها أن تكون جبيني

و أن تحفظ العينُ

- عين اليمامِ –

لها عقلها .. لا جنوني

سأحكي لها كل شيءٍ

و أترك طفلة قلبي

لتلعب عند السماءِ

تشدُّ الأساطير من شعرها

أو تعابث نجماً

أتى ما استطاع من الذكرياتِ

و ناء بها

و تعرف – في ثقة –

أين يمضي الصغارُ

بما خبؤوه من الضحكاتِ

و ترسم فيروزةً لا جبال لها

و ياقوتةً .. كان قلبي

و ترسمه كيف مال لها

و يحكي لها .. ثم أحكي لها

في مديحٍ طويلٍ لهذا الفضاءْ

و هذا الوشاحْ

لسوسنة لا انتماء لها

خير ما خبأته اليمامة تحت الجناحْ

و أحكي لها

عن حدائق ماءٍ و خاتم وردْ

بدا لم تخنه سوى شوكةٍ

تذوب في العطر بدرَ التمامْ

و أحكي لها عن صديقٍ مضى يشبه

العاشقينَ

و لا يشبه الناس إلا بقدر الزحامْ

و تسألني .. فأقولُ أتى من بحيرة ريحٍ

نحلق فيها إذا ما صحونا

و نهرٍ من السهد لا يغلق الجفن حين ننام

سأحكي لها عن سماءٍ تأخرتُ عنها

و كل الحروب التي حين دقت طبولاً

تراجعت عنها

فلم يكترث للمعارك قلبي

و لم ينسحبْ

و ظلَّ يراهنُ أن السماءَ

ستحمل شمساً لأُفقِ السحب

و أن البحارَ القصيةَ ليست تظل بعيدةْ

و أن الخريف سيحملناللشتاءِ

إذا ما أردنا الشتاءْ

سأحكي لها كلَّ شيءٍ

و لستُ أُخَبِّئُ دمعاً

و لا حفنةً من عقيق الدماءْ

هي الآن .. تلعب عند السماءْ

و أختار نافذةً لتراقب منها الفرح

و أخرى لتُغلَقَ كي لا يمر إليها البكاءْ

هي الآن تجمع – واثقةً – ما مضى من

خطايْ

و أخبرها بالمخبَّأ منها

هنا

أو هناك .. انظري

تلك عاصفةٌ .. حاذري

و هنا خطوةٌ من مراعٍ و نايْ

هي الآن تجمع كلَّ الخطى

كلها

و ليست تحاذر حين تغيب النجومْ

فلا أُفْقَ .. كم أنتِ قاسية يا حياة ابتكار

المدى

و رسم النسيمْ

هي الآن تجمع – واثقةً – ما مضى من

خطايْ

و تسألني: ربما لا أكون أنا..

إنما كيف أصبحُ يوماً سوايْ؟

فأمسك رقتها بين عيني و بين رؤاي

و أحكي لها كل شيءٍ كأني أُهدهد روحي

أسلِّمها ما تبقى من اللغة الأمِّ .. من وقفة

البدوي الأخيرْ

و أفشي لها سرَّ رائحة البرتقالِ

و سرَّ الحريرْ

هي الآن تجمع كلَّ خطايْ

و تعرفُ: تلك خطى العاشق

المستهامْ

و تلك خطىً في طريقِ اليمامْ

و تلك خطى فاح منها الغرام

و تلك خطى الرَّجل المجهدهْ

سأفشي لها سرَّ قلبي إذاً

و سرَّ خطى مرقت شاردهْ.

------------

نقلا عن مجلة دبي الثقافية