Saturday, February 27, 2010

حوار معي في جريدة الأهرام عن التسامح الديني وحوار الحضارات



"الآخر"بين زاويتى الرؤية فى الشرق والغرب
حوار: محمد عبد القادر
نشر في جريدة الأهرام بتاريخ 14 فبراير 2010


مدير مكتب الكونجرس الإسلامى الأمريكى بالقاهرة وشمال أفريقيا:

"لابد من التركيز على ما نمتلكه بالفعل من أرضية مشتركة نقف عليها

جميعا.. والسعى نحو توسيع رقعتها من خلال التعاون المستمر فيما بيننا"


داليا زيادة:

.علينا مواصلة الدعوة إلى تقريب وجهات نظر الوسطيين من كلا الجانبيين

.على الجميع تعلم مراعاة عدم تعدى حدود حريته الخاصة على حريات من حوله

.رحلة تغيير صورتنا يجب وأن تبدأ من نقطة الداخل لدينا

.نحتاج إلى إعادة التواصل المفتقد مع أبناءنا بالخارج..وتأصيل هويتهم



"دين تخلف وإرهاب.. رسوم مسيئة للرسول..رفض للحجاب.. إضطهاد وإستهداف..وأخيرا- وليس أخرا- جريمة قتل".. تلك جميعها سلسلة من المشاهد الملتطقة مؤخرا من داخل الغرب فى إطار مسلسل(الإسلاموفوبيا)، الذى بدأ تصوير أولى حلقاته - المعد السيناريو الخاص له مسبقا- فيما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، والتى كانت بمثابة إشارة البدء لإنطلاق أقوى الحملات الغربية شراسة ضد الإسلام والمسلمين..هاتيك الحملة التى تجسد بجلاء كيف يرانا الغرب من خلال مفكريه ومستشرقيه، كذا تباين وجهات نظرهم تجاه الإسلام كعقيدة دينية نظرية، وكممارسة عملية منعكسة على أرض الواقع لتشمل ميادين الحياة المختلفة بشقيها الدينى والدنيوى.

وفى ظل إستمرار تلك الحملة، التى تجلت أحدث مشاهدها فى صورة حادثة مقتل الدكتورة مروة الشربينى الوحشية بساحة محكمة دريسيدن بألمانيا، وخاصة فيما بعد أيام قليلة فقط من دعوة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لفتح صفحة جديدة بين العالمين الإسلامى والغربى..ثار التساؤل مرة أخرى فى الأذهان حول ما هو المطلوب والواجب عمله..الحوار أم المواجهة؟. فريق يرى أن الحوار لا جدوى من ورائه، خاصة وأن العلاقة ما بين العالمين الأن لم تعد متكافئة وفي جميع المجالات سواء السياسية أو العسكرية والاقتصادية أو التكنولوجية…إلخ، ومن ثم فلا فائدة من الحوار حيث إنه لا صوت للضعفاء..


ذلك فيما يصر الفريق الآخر على إستمرارية الحاجة إلى الحوار، ويرى أن عدم الحوار يعنى الهروب من الواقع وإعطاء الفرصة للمتربصين بالإسلام وأعدائه ليفعلوا ما يشاءون بقيمه المثلى وتعاليمه الإنسانية السمحة، ومن ثم فإن عدم الحوار هو بمثابة التنصل من مسئولية كبيرة، وهى شرح وتفسير الإسلام والدفاع عنه وتقديم حقيقته للآخر.


هذا الأمر خاصة هو ما دفعنا للتعرض بالحديث عن تلك الإشكالية ومحاولة البحث عن إجابات للعديد من التساؤلات المطروحة.. نحو محاولة الحسم بين وجهتي النظر، بل والبحث عن الجواب للسؤال: ما هى أسباب الصراع ومن أين يمكن لنا بدأ الحوار؟!..


تلك الأسئلة وغيرها هى ما حملناها وتوجهنا بها إلى أ/داليا زيادة مدير مكتب منظمة الكونجرس الإسلامى الأمريكى بالقاهرة، والتى كان لنا معها هذا الحوار على هامش زيارتها الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية...


.بداية أود أن تصفى لنا كيف كانت رؤيتكم للمجتمع الغربى كفتاة شرقية وخاصة قبل زيارتكم الأولى للولايات المتحدة؟

..مثلى مثل أية فتاة شرقية أخرى ترى الغرب عبر ما تسمعه وتقرأه وتشاهده من خلال وسائل الإعلام المختلفة لدينا، حيث الكره للمسلمين والمحجبات على وجه الخصوص، بل وأتذكر وقتها تحذيرات إحدى الصديقات، التى كانت تدرس بإحدى الجامعات البريطانية، وما ذكرته لى عن معاناتها وكم الصعوبات التى واجهتها كفتاة مسلمة محجبة ومنذ أول يوم دراسى لها، حيث حاول إحدى الطلبة خلع حجابها من على رأسها، وهو ما جعلها تقرر بالفعل عدم الذهاب به مرة أخرى إلى الجامعة.. وذلك ربما يكون نموذج بسيط مما حدث ولازال يحدث.


..وماذا عن تأثير ذلك عليكم؟

..الحقيقة إنه وعلى الرغم من ذلك ظلت تجربة التفاعل مع الآخر.. تجربة مختلفة تماما بالنسبة لى، وهو ما أخذت قرارا قاطعا بشأنه وقتها، حيث ضرورة التجربة الواقعية على منوال المثل الشعبى لدينا"اللى شاف غير اللى سمع"، بل ويحضرنى هنا أيضا ما ذكره د.علاء الأسوانى من خلال روايته (شيكاجو)، حيث تملك الدهشة منه فور عبوره للضفة الأخرى أو البر الغربى، ورؤيته حينها لما كان يهيأ ويصور له دائما على إنه عدو .. رؤيته له كأشخاص عاديين جدا.. يحيون حياة طبيعية.. بنى أدمين مثلنا لا فرق بيننا فى الطبيعة أو التكوين الجسمانى. وهذا هو ما لابد وأن نتعامل نهاية على أساسه، حيث إنه وكيما ندعى الحرية فى ممارستنا للأنشطة الحياتية المختلفة..فهم أيضا لديهم ذات الحرية، بل وربما كانت بقدر ونضج أكبر من حيث النظرة للمفهوم والتطبيق. أيضا فإنه وكما نغضب فهم يغضبون..إلى غيره من المشاعر المختلفة التى يتشارك البشر جميعا فى الشعور بها، لكن ربما يأتى الإختلاف فى كيفية التعبير عنها.


..لكن المؤكد أن هوة الإختلاف قد زادت وخاصة على مستوى"كيفية التعبير" فيما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عن ما قبله؟

..بالطبع لأنه لم يكن حدث عادى وبكل المقاييس، خاصة مع النظر إلى مكان الحدث نفسه وهو أمريكا رمز الغرب والقطب الأوحد فى عصرنا الحديث، كذا إستهدافه لرموز الكرامة والعزة والفخر للأمة الأمريكية حيث برجى التجارة العالمية ومبنى البتناجون، ومن ثم زعزعة الثقة لدى العالم الغربى فى مدى قوته الإقتصادية والعسكرية، وهو ما كان لابد وأن يعقبه ضرورة النظر إلى كيفية إستعادتها مرة أخرى. على هذا فلم يكن أحد ليتخيل إنه وفيما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وما صاحبها من تشويش إعلامى كبير وتعمد لخلط الأوراق وتزييف للكثير من معان المصطلحات.. لم يكن بالطبع من المتصور بعدها أن يتسامح الغرب مع المسلمين، وهو ما أكدته بعض الأحداث المتفرقة ضدهم فى مختلف العواصم الأوروبية وداخل الولايات المتحدة نفسها ومن إناس عاديين لا علاقة لهم بالسلطة ولا يحملون أى توجه سياسى، حيث أصبح الإسلام بالنسبة لهم مرادفا فقط ل"الإرهاب".


..وكيف ترون دعوة الرئيس أوباما الأن.. تلك التى أطلقها مؤخرا من القاهرة لإعادة فتح صفحة جديدة بين العالمين الغربى والإسلامى؟

..نعم لقد قالها: New beginning with the Muslims . وتلك الدعوة من وجهة نظرى هى تأكيد عملى على أن هاتيك هى الدنيا.. نخطأ ونتعلم ويمكننا أن نتغير ونغير ما بأنفسنا، وهو ما يجعلنا قادرين نهاية على التعايش إلى جانب بعضنا البعض. وهنا يجب على الجميع أن يعى تماما المقصود من وراء مفهوم الحرية وهى إنك حر طالما لا تتعدى على حرية الأخرين..لابد وأن يعمل كل منا جاهدا على رسم حدود حريته الخاصة وفقا لنشأته وتعاليمه وإنتماءاته الدينية أو السياسية.. وفقا لأفكاره وأحلامه وطموحاته.. على أن يراعى فى هذا عدم المساس أو التعدى على حدود من حوله.


..لكن ألا تتفقين معى إنه وعلى الرغم من عدم إنكار أهمية المبادرة للحوار إلا إنها ربما جاءت متأخرة أو كتعبيرا عن رؤية خاصة ومن ثم عدم جدواها أو تأثيرها فى الوقت الحالى؟

..ربما يكون هذا صحيح، لكن لابد من الإلتفات إلى نقطة فى غاية الأهمية وهى إننا نتشارك سويا فى مسألة إستمرار عدم وضوح الرؤية للآخر، وأقصد ب(سويا) هنا العالمين الإسلامى والغربى. من ثم فإنه يأتى من أهم أسباب عدم جدوى المبادرة أن المسألة قد أصبحت متعلقة بثقافة متراكمة، وهذا فى ظل إستمرار القصور فى التعريف ب"الإسلام والمسلمين" فى الغرب. أيضا إستمرار النظرة للغرب لدينا على إنه السيد ونحن العبيد.. حيث هو يملك ونحن لا نملك، بل والأكثر الأن هو النظر إلى إطراء البعض علينا وكأنه حدث جلل وعلامة فارقة فى تاريخ الأمة. فقد أصبح الحديث الجيد والصحيح حتى وإن كان على سبيل النفاق..أصبح مصدر للغبطة والسعادة لدينا، وخاصة على المستوى الحكومى. هذا على الرغم من إننا أقدم حضارات الدنيا، بل أن مبدعو ومؤسسو تلك الحضارة هم أنفسهم من كانت إسهاماتهم وفى شتى المجالات..كانت ولازالت بمثابة شعاع النور الذى أضاء للغرب أفاق تاريخه الحديث، وذلك بإعترافهم هم.. فكيف تناسينا هذا الأن؟!!.


..أعتقد أن هذا إنعكاس طبيعى للعديد من أوجه القصور التى ذكرتم الأن بعضها ويأتى منها أيضا مسألة عدم قدرة الجاليات العربية والإسلامية فى رسم صورة صحيحة عن "المسلم" بالغرب؟

..بالطبع، وهذا على الرغم من أن الصورة فى الخارج قد تبدو وردية لدى البعض، لكنها وللأسف غير ذلك تماما. حيث لا يأتى الإنتماء إلى ذات الكيان أو الدين كعامل ربط لمجموع هاتيك الجاليات فيما بين بعضها البعض، بل العكس تماما..لاسيما وإنه ربما كان السبب المباشر لزرع الفتنة والفرقة بينهم، حيث سيادة النعرات الشخصانية والتنافس الأعمى على نيل شرف الأقدر والأجدر أو الأفضل، هذا كما نراه بين دولهم فى الواقع.. فهم نهاية يعانون التأثر بهذه الخلافات الكبرى.

نتيجة لهذا فإن الأغلبية هناك صنعت صورة سيئة أكثر مما كانت عليها، لعدم قدرتها على معرفة كيفية الإندماج فى مجتمعاتهم الجديدة.. فقد أرادوا أن يحيوا عليها بذات النمط السائد لديهم فى مجتمعاتهم الأصلية، حيث إنعدام النظام والقانون والقصور المعرفى وتدنى المستوى الثقافى والتعليمى، والدليل على ذلك النجاحات الفردية للعرب والمسلمين فى الخارج، وهى فى مجموعها نجاحات غير مؤثرة ولم تستطع وحدها أن تضيف لملامح صورة العربى المسلم بالخارج لإفتقادها إلى كيان واحد يمتلك أدوات الإستفادة منها وكيفية توظيفها بالشكل المطلوب.


..وماذا عن دور ما نسمع عنه من روابط للجاليات ومؤسسات خاصة تحمل على عاتقها مهمة تصحيح الصورة بل والسعى نحو بلوغ التأثير السياسى؟

..أعتقد ان الغالبية منها دوره ضعيف وتأثيره محدود جدا ومفتقد أو إنه يفتقر فى الأساس إلى كيفية تحقيق مجمل هذه الأهداف، ومن يسعى إلى ذلك هناك فهو فى الغالب يمتلك مبادرات ومجهودات فردية كما ذكرت.


..إذن فماذا عن المؤسسات الأخرى التى أنطلقت من الغرب ذاته خاصة من أمريكا وبدأت فى الإنتشار حول العالم بهدف تقريب وجهات النظر وإعادة رسم الصورة الصحيحة مثل مؤسستكم (الكونجرس الإسلامى الأمريكى)؟

..نظرة الأمريكى عن المسلم هى ذاتها نظرته إلى الشخص الذى يتعامل معه هناك .. فهو يحكم من خلال واقع وتجربة عملية. من ثم فقد كانت رؤيتنا هى أن رحلة تغيير صورتنا يجب وأن تبدأ من الداخل لدينا، حيث الإسهام فى تقديم نماذج مشرفة لنا تمثلنا.. وليس فى الخارج فقط، لكن وفى الداخل أيضا، لذلك فلابد من النظر الأن إلى ما بات ينقصنا والبدء فى العمل على إستكماله كى نستطيع وأن نتماشى مع ما أصبح العالم عليه، مع إحتفاظنا بهويتنا الأصلية فى ذات الوقت.


.وكيف السبيل إلى هذا؟.. أو بمعنى آخر: من خلال تواجدكم بالقاهرة (عاصمة العرب) وإحدى مراكز الثقل فى العالم الإسلامى.. ما هى أبرز المعوقات لدينا أمام الوصول لما ذكرتموه من "التماشى مع ما أصبح العالم عليه"؟

..أعتقد إنه وكما يقولون لدينا أن "مربط الفرس" أو حجر الزواية والتحدى الأبرز هنا هو فكرة إحترام الآخر، حيث إنه وبفعل مؤثرات كثيرة لم تختلف نظرتنا فقط إلى الآخر، بل وإلى بعضنا البعض. فالأن بدأنا السمع عن الخلافات بين الشيعة والسنة، والإختلافات ما بين الإتجاهات والطرق الدينية ممن على شاكلة الوهابية والصوفية والسلفية، ولكل منها مناصريها ومفكريها والمدافعين عن حقوقهم فى ممارسة ما وضعوه لهم من أطر عقائدية أو طرق يستغلون فيها أسم"الله" للترويج لها، ومن ثم إنعكاسه على وجهة نظرهم الخاصة لتعاليم الدين الرئيسية وكيفية العمل على تنفيذ أركانه. أضف إلى هذا الإحتقان السائد ما بين المسلمين والمسيحيين على خلفية إنهما عقيدتين مختلفتين كما أفتى البعض فى الداخل وصوره البعض الآخر فى الخارج على أساس كونه قضية أقليات ومسألة إضطهاد، وهذا مرجعه كما ذكرت سابقا إلى وجود العديد والعديد من أوجه وعوامل القصور لدينا، التى يأتى على رأسها ضعف مؤسسات المجتمع الثقافية والتعليمية والتربوية والإعلامية، وخاصة تلك الأخيرة حيث عدم قدرتها على الإضطلاع بدورها المنوط بها، بل وسعيها الدائم الأن وعلى مستوى (الفضائيات) من تكريس لكافة معانى الفتنة والطائفية. من ثم فنحن نرى أن المعادلة بسيطة: إحترامنا لأنفسنا = إحترام الآخر لنا، والعكس صحيح.


..وهل لديكم إستراتيجية خاصة لكيفية مخاطبة (الآخر)؟

..كما ذكرت إنه يأتى على رأس المحاور التى ينبغى العمل عليها هو كيفية تكريس الجهد نحو إرساء قواعد فكرة (الإحترام).. إحترام الآخر فى المجتمع لدينا، هذا من خلال عودة إحترامنا المفقود لأنفسنا أولا، ذلك مع الإبتعاد عن فكرة تعظيم الذات أو التهويل مما يبدو عليه الآخر.. فالجميع سواء أمام الله.. وجميع الأديان السماوية هى رسالات مكملة لبعضها البعض وترتكز فى دعوتها إلى الكثير من الأسس المتفق عليها وهى نبذ العنف والإبتعاد عن التعصب وإعلاء قيمة التسامح فيما بين الجميع.. ولننظر جميعا إلى أرث رسلنا وأنبياؤنا العظيم، والذى ضربوا فيه أروع الأمثال حول مختلف هاتيك القيم والمعانى. أى إنه لابد من التأكيد والتركيز والإشارة إلى ما نمتلكه بالفعل من أرضية مشتركة نقف عليها جميعا، وتلك هى التى نسعى إلى توسيع رقعتها بمرور الوقت ومن خلال التعاون فيما بيننا..سواء من الشرق أو الغرب.


.وماذا عن رؤيتكم حول كيفية تحقيق هذا؟

..لابد من وجود مراجعات على المستوى الإعلامى والتعليمى لكل ما يبث وينشر من خلالهما، والتركيز على الإرتقاء بالمستوى الفكرى والتربوى والتعليمى والمعرفى لدى الأطفال أى البدء من المراحل السنية الصغيرة والإرتقاء بها تدريجيا داخل إطار نموذج مرحلى فى التوجيه والتعليم بما يتناسب ومتطلبات المرحلة.. تحكمه النظم والمعايير السليمة فى التنشئة والتربية للوصول نهاية إلى جيل جديد يعلى من قيم التسامح وإحترام الآخر فى المجتمع.


..وهل أستطعتم ك(منظمة) الإقتراب من تحقيق هذه الرؤية؟

..كمنظمة لن نستطيع الوصول إلى هذا وحدنا، لكن أستطيع القول إنه قد نجحنا وعلى مدار الفترة الماضية فى الوصول إلى نقطة أخرى غاية فى الأهمية، وهى الإستمرار فى طرح القضية أو بمعنى آخر إستمرارية تسليط الضوء عليها، أى إنه لم يعد مجرد إثارتها وإعادة الحديث عنها مرتبطا بحادثة هنا او هناك أو بعض الأعمال الفردية، ومن ثم إعادة طرحها مجددا وكأنها قضية جديدة علينا ولم نسمع بها قبل والتعامل معها بمنتهى السطحية والسذاجة كونها حادثة فردية، ذلك كما حدث مؤخرا مع حادثة مروة الشربينى. كذا فإنه يمكن لنا أن نضف إلى ذلك نقطة هامة أخرى وهى إرتباط هذا النجاح فى تسليط الضوء على القضية دون المساس بالأديان .. لعدم إثارة الآخر وإستنفاره .. فكما أتفقنا: لدينا الأرضية المشتركة التى يمكننا البناء عليها. وأعتقد إنه قد أصبحنا نرى الأن الكثير من الإحتفاليات التى تعقد تحت عنوان:"التسامح"، بل ويعد ظهور بعض الفرق الغنائية التى تحمل ذات الأسم مثل فرقة"أنا مصرى".. وغيرها من الظواهر الجديدة الإيجابية فى هذا الخصوص.


..لكن ربما يبقى ما تحقق من نجاح مشار إليه فقط على مستوى النخبة.. فماذا عن المقابل له على مستوى القاعدة الشعبية العريضة؟

..نعم ربما تأتى الإشكالية هنا بالفعل فى كيفية الوصول بهذه الفكرة وتعميمها ونشرها على مستوى الطبقة القاعدية..القاعدة الشعبية أو الطبقات الدنيا، التى تمثل الأساس فى المجتمع، وهى واحدة من الصعوبات التى لازالت تواجهنا وتحتاج منا إلى جهد أكبر على مدار الفترة القادمة لإنتقاء الوسائل والرسائل المناسبة واللازمة للوصول إليها، والتى لا تتعدى حدود الموروث الفكرى والثقافى لديها.. أو العادات والتقاليد المتعارف عليها.. والتأكيد على إننا نؤكد عليها ولا نتعارض معها.


..كلمات أخيرة:

..نحتاج إلى تبسيط الأمور أكثر على خلاف ما يصوره البعض من تهويل، كذا فإننا فى حاجة ماسة إلى العودة مرة أخرى إلى قيم وسماحة وتعاليم الإسلام الحق الصحيحة والتى لا لبث فيها ولا خلاف عليها. نحتاج الى التواصل مع أبناءنا بالخارج..وتقوية الجذور لديهم وتأصيل هويتهم.


جدير بالذكر أن منظمة الكونجرس الإسلامى هى منظمة مدنية غير دينية تهدف إلى إستبدال الصورة السلبية التى دأب الأمريكيون والغرب عموما على النظر إلى المسلمين من خلالها، ذلك من خلال إنشاء حوار متكامل الأركان بين أبناء الديانات المختلفة. وقد تم تأسيسها فيما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر مباشرة، حيث كان الهدف الرئيسى لها هو تحسين صورة المسلمين داخل المجتمع الأمريكى على وجه الخصوص، وذلك من خلال دعوة المسلمين أنفسهم إلى تحسين سلوكياتهم والإهتمام بإيضاح وإظهار الصورة الحقيقية لهم من خلال الإلتزام بأداب وتعاليم دينهم، وقد بدأت المنظمة نشاطها بالقاهرة منذ سبتمبر2007.