Thursday, February 25, 2016

خمس حقائق عن الاختفاء القسري في مصر


١. يعني إيه اختفاء قسري؟
يعني دولة ديكتاتورية بتحاول تداري على ما بها من فساد مالي أو سياسي بإنها تقوم بحبس الأشخاص بدون جريمة، لو حبستهم في مكان معروف لذويهم يبقى ده أسمه اعتقال (حبس تعسفي)، لو حبستهم في مكان غير معروف وأخفت مكان وجودهم عن ذويهم يبقى ده أسمه اختفاء قسري، وغالباً الاختفاء القسري بيتم بطريقة الخطف، وحسب تعريفه في القانون الدولي شرط إن يكون ال قام بهذا الاختطاف هو الدولة نفسها عبر أحد أجهزتها أو عبر منظمة سياسية هي بتقوم بتكليفها.

٢. هل الاختفاء القسري جريمة؟
نعم. غالباً ما يشمل الاختفاء القسري اختطاف الضحية ثم تعذيبه ثم قتله لإخفاء أثار التعذيب وشهادته على ما حدث أو ما رآه حيثما كان مختطفاً، وبالتالي فهو فعل يوصف بإنه “جريمة ضد الإنسانية” وفقاً لتعريف المحكمة الجنائية الدولية. والنظام السياسي الذي يقوم بارتكابه يتم محاكمته دولياً ثم عقابه لو ثبتت الجريمة، وده وفقاً لوثيقة مهمة جداً تبنتها الأمم المتحدة في ٢٠٠٦ اسمها الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

٣. هل مارست الدولة المصرية الاختفاء القسري في تاريخها الحديث؟
أول ما ظهر الاختفاء القسري كان في بعض الدول الأوروبية ودول أمريكا اللاتنية، في نهاية حقبة السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي. على مدار تاريخ مصر كله، لم يثبت وقوع أي حالات اختفاء قسري مثلما كان يحدث في أوروبا وأمريكا اللاتينية، أقسى حاجة حصلت في مصر كان الاعتقال أو الحبس التعسفي، وفي الفترات التي طبق فيها قانون الطوارئ فقط، وكانت في أغلبها ضد فئة بعينها هي التكفيريين والجهاديين نظراً لخطورتهم.

٤. هل في مصر حالات اختفاء قسري اليوم؟
من الصعب جداً، إن لم يكن مستحيلاً، أن يكون في مصر اليوم حالات اختفاء قسري، ومن يدعي ذلك كاذب تماماً، مثلما كذبوا من قبل وأدعوا أن في مصر حالات اعتقال تعسفي تصل لأربعين ألف شخص. وذلك لسببين مهمين:

أولاً: الدولة المصرية الحالية ليست دولة ديكتاتورية تسعى لقمع المعارضين، بالعكس القيادة السياسية تعلي دائماً من قدر وقيمة سيادة القانون، حتى في التعامل مع الإرهابيين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو التكفيريين في سيناء، ومن هم على شاكلتهم. فكلهم يتعرضون لمحاكمات عادلة استغرق بعضها سنوات، في حين أنه كان بإمكان الدولة أن تقتلهم بشكل مباشر دون رحمة مثلما فعلت بعض الدول الأوروبية مؤخراً في تعاملها مع الإرهابيين لديها.

ثانياً: ليس لدينا قانون طوارئ، وبالتالي لا تستطيع السلطة القبض على أي شخص دون تكليف قضائي، وأي شخص يدخل مناطق السجون أو يخرج منها يتم تدوين كل بياناته وسبب وجوده وما عليه من أحكام والتوقيت المتوقع لخروجه وكل التفاصيل التي تثبت وجوده في هذا المكان وتسمح لأهله وذويه بالسؤال عنه ومتابعة مكانه.

٥. ما السر في ترويج شائعة الاختفاء القسري في مصر؟

١. التوقيت، وهذا له بعدين:

* مصر انتهت من انتخابات برلمانية على درجة غير مسبوقة من النزاهة، وبالتالي استكملت مؤسسات الدولة وشكلها الديمقراطي الحقيقي، وتم توزيع السلطات، وهو ما يبشر بأن مصر تحقق تقدم في مسيرة الديمقراطية بالفعل على عكس كل ما روجته جماعة الإخوان المسلمين من أكاذيب عن مصر لدى الغرب بعد سقوطهم في ٣٠ يونيو.

* نحن مقبلين على ذكرى ٢٥ يناير، والراغبين في افتعال أحداث شغب في هذا اليوم يريدون أن يمسكوا بمظلومية ما تمنحهم شرعية في عيون الغرب، فاخترعوا حكاية الاختفاء القسري.


٢. محاولة لجر مصر لمحاكمة دولية:

جماعة الإخوان الملعونين صرفت أموال طائلة على محامي إنجليزي فاشل وهمهم بإنه يستطيع جر القيادة السياسية في مصر لمحاكمة دولية، ومنذ أن عينوه في ٢٠١٣ يحاول هذا المحامي، والجماعة الآثمة معه، اللعب بورقة المصطلحات المزعجة ذات الأصل القانوني عبر وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الدولية، كالتالي:

* بدأوا أولاً بكلمة “الإنقلاب” و”الجيش الذي اغتصب السلطة من المدنيين وأسال الدماء أنهار في الشوارع بقتله للمعتصمين السلميين في رابعة” وبفضل مجهودات الدبلوماسية الرسمية والشعبية ووجودنا كمراقبين من منظمات حقوقية محلية في موقع الاحداث وتوثيقنا لجرائم الإخوان أثناء هذه الاعتصامات وبعدها فشلت هذه اللعبة،

* لما فشل موضوع الانقلاب، اخترعوا حكاية أن مصر بها “أربعين ألف معتقل” في سنتين فقط، وروجوا لهذه الكذبة عبر المنظمات الحقوقية الدولية خصوصاً العاملة في انجلترا مثل منظمة العفو الدولية، وقمنا نحن في المركز المصري لدراسات الديمقراطية الحرة بالتواصل معهم ومطالبتهم بأسماء المعتقلين كلهم أو بعضهم لمراجعتها مع أجهزة الأمن وطبعاً لم يردوا، وبعد أن كشف تحقيق مهم في مجلة تايم الأمريكية حقيقة أن قيادية كبيرة في العفو الدولية (كانت وراء إصدار بيانات المنظمة المروجة لهذه الشائعة تحديداً) تنتمي لجماعة الإخوان وزوجها قيادي إخواني كبير محتجز في الإمارات، بهتوا وسكتوا عن ترويج هذه الأكذوبة.

* ولما فشل موضوع المعتقلين، خرجوا علينا باللعبة الجديدة “الاختفاء القسري” وهو تصعيد كبير جداً، وكثرة تكراره هذه الأيام دولياً ومحلياً هدفه أن تتحول الكذبة إلى حقيقة بكثرة التكرار وبالتالي تخرج تقارير عن منظمات حقوقية دولية (طبعاً هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية على رأس القائمة) واستغلال هذه التقارير وبعض المقالات في وسائل الإعلام الكبيرة ومطالبة الأمم المتحدة بالتحقيق فيها ثم طلب مصر وقيادتها السياسية للتحقيق، ويكون هدف الإخوان ومحاميهم الإنجليزي قد تحقق.


Thursday, February 18, 2016

مصر: حققنا الديمقراطية، والتحدي القادم هو الديمقراطية الحرة



وفقاً للمعايير المتعارف عليها عالمياً لتصنيف الدولة الديمقراطية، تكون مصر اليوم بعد استكمال اختيار الوكيلين في مجلس النواب وبدء إنعقاد المجلس، دولة ديمقراطية. بمعنى أن المواطن فيها ممثل في صناعة القرار، وبها مؤسسات مكتملة، وبها سلطة تشريعية منفصلة عن الشرطة التنفيذية، وبها رقابة ومحاسبة ونظام عام معروف ومنصوص عليه وتسير شئون البلاد وفقاً له. أي وظيفياً مصر أصبحت دولة ديمقراطية. وهذا أمر لو تعلمون عظيم. أمر كان مجرد حلم من خمس سنوات فقط. 

ويبقى التحدي الأكبر، هو كيف نأخذ مصر إلى المستوى الأعلى وهو الديمقراطية الحرة، التي تقوم على احترام وضمان حقوق وحريات المواطنين، وتشجع على احترام الاختلاف وتضمن للمواطن الحد الأدنى من الحياة الكريمة. كيف نكون نموذج لدول العالم في تطبيق ذلك. 

وبالطبع لا يمكن تحقيق كل هذه الرفاهية التي تصاحب الديمقراطية الحرة في مصر دون إحداث إصلاحات إقتصادية كبيرة، قمنا بتحقيق بعضها بالفعل خلال العام الماضي وهي قفزات كبيرة في دولة بمثل ظروف مصر. لكن كلها تمت على المستوى الخارجي، وما زلنا نعتمد على غيرنا في تنمية اقتصادنا، وهو أمر لا نستطيع الاعتماد عليه طويلاً. 

علينا أن نتخذ خطوات إصلاح اقتصادي أكبر على المستوى الداخلي أيضاً من حيث إصلاح القوانين وتشجيع المشروعات الصغيرة ومبادرات الأعمال وفقاً للموارد المتاحة وهي كثيرة جداً، بالإضافة إلى تطوير التعليم. وإن كنا قد حققنا الديمقراطية خلال خمس سنوات فقط رغم كل التحديات التي واجهناها بداية بسرقة الإخوان للثورة وانتهاءاً بموجة الإرهاب المرعبة التي مرت بها مصر الفترة الماضية، فنحن حتماً نستطيع في وقت قياسي أيضاً أن نحقق التطور الاقتصادي والديمقراطية الحرة. 

Thursday, February 11, 2016

الحب جنون أحياناً.. وغباء أحيان أخرى!



تفصلنا أيام قليلة عن يوم الفلانتين، عيد الحب في العالم، ولأنه فرصة لنتذكر كم هو رائع أن نحب، هو فرصة أيضاً لنتعلم أن لا نضع مشاعرنا في يد الشخص الخطأ، فكم من الآثام ارتكبت باسم الحب خصوصاً في حق النساء في مجتمعاتنا الشرقية التي تمارس قسوتها على المرأة كل يوم. إليكم بعض النصائح التي خلصت بها بعد تجربة قاسية مررت بها العام الماضي، أهديها لكل النساء على هذه الأرض، ربما تفتح أعينكن على حقائق أعماكم الحب عن رؤيتها: 

لا تسامحي زوج يرى في ضربك إثبات لرجولته، أو حبيب يرى في قسوته عليكِ إعلاءاً لكرامته، أو صديق يرى في تجاهله لك وإذلالك بالصمت أو تكرار اختفائه وظهوره في حياتك وسيلة للتحكم بك والسيطرة على مشاعرك. هؤلاء ليسوا رجال ولا يستحقون جائزة ثمينة مثل قلبك. 

لا تقبلي أن تكوني مجرد أداة تسلية وتقضية وقت فراغ في حياة رجل، حتى لو كان هذا الرجل هو مركز الكون بالنسبة لك. لا تعطي من وقتك وقلبك وطاقتك أكثر مما يمنحك هو، لا تعامليه كأولوية لو لم يضعك هو تاجاً على رأسه، وقدم سعادتك على كل شيء آخر. 

لا تضيعين وقتك بانتظار رجل تعرفين في قرارة نفسك أنه ليس لك، ولن يكون، لا تقبلي من وقته ومشاعره الفتات الذي يرميه لك كلما سمحت ظروفه، وتسمين هذا حب! هذه يا صديقتي سذاجة. فالساذج فقط هو من يعرض نفسه للاستغلال من قبل شخص آخر وهو مبتسم. 

لا تستمري في أي علاقة من أي نوع، ولو حتى مجرد صداقة، مع رجل يرى في التلاعب بمشاعر الآخرين هواية، هؤلاء الذين يتمتعون بتطبيق المناورات الرجالية عليك مرضى نفسيين، والبعد عنهم غنيمة. الرجل الحقيقي مباشر في كل شيء، ومباشر في مشاعره أكثر شيء. 

لا تقبلي أن يعاملك رجل بجفاء أو عدم اهتمام ويستخسر فيكِ الكلمة الحلوة بحجة إنه رجل أو "مش بيعرف يقول كلام حلو"؛ هو ببساطة لا يجدك جديرة بحلو كلامه، هذه هي الحقيقية، لأنه لو كان حقاً لا يحسن صياغة كلامه معك، فهذا معناه أن لديه خلل نفسي ما وعليه أن يتعالج منه، سلميه لأقرب طبيب قبل أن يتفشى المرض. 

لا تسلمي قلبك ومشاعرك لرجل ليس لديه استعداد أن يعتذر لك عندما يغضبك أو يخطيء في حقك، وإذا ما واجهتيه بالحقيقة هرب، هذا النوع من الرجال أسمته الكاتبة أحلام مستغانمي "الرجل الآرنب" أي أنه الرجل الذي يختبيء ويجري بعيداً عنك كلما واجهته بأي مشكلة، بدلاً من أن يتحدث معك للوصول للحل. ثم يظل في اختفائه هذا شهوراً منتظراً أن تبادري أنت بعدما يهدك الشوق إليه بمصالحته، وكأنك أنت التي ارتكبت الخطأ وليس هو. الرجل الذي يمارس عليك لعبة الصمت والاختفاء، ليس رجل، هو أرنب، لماذا تحبين أرنب، يا عزيزتي؟ 

أنتِ ملكة وقلبك هو المعبد الذي يطوف به المريدين، فلا تمنحيه إلا لعابد زاهد مخلص أظهر كل آيات الحب. خلق الله الحب وسيلة للسعادة، فلا تحوليه بغباءك لوسيلة للإهانة والتقليل منك. 


Thursday, February 04, 2016

المجلس القومي لحقوق الإنسان - أخطاء يجب أن لا نكررها




انتهت فترة عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان بمجرد اتمام عملية انتخاب البرلمان وبدء أعماله، وأصبح التشكيل الحالي مسؤول عن تسيير أعمال المجلس لحين قيام البرلمان باختيار التشكيل الجديد وإرساله لرئيس الجمهورية للتصديق عليه، وهو الأمر الذي يجعلنا نقف طويلاً على أسباب الأداء الغير مرضي الذي قام به المجلس القومي في تشكيله الحالي، وكيفية تجنب ذلك في التشكيل الجديد لما للمجلس القومي من أهمية وثقل محلي ودولي. 

تشكل المجلس القومي لحقوق الإنساني في دورته الحالية منذ صيف 2013، أي بعد الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين بشهرين فقط، وقامت حكومة الببلاوي وقتها بعملية الاختيار والتعيين نظراً لعدم وجود برلمان ليقوم بهذه المهمة وفقاً للدستور، وجاءت أغلب الاختيارات على طريقة المجاملة السياسية أو ربما ضمان ولاء القيادات اليسارية المعروفة، والتي تشكل معظم الجيل الثاني من المجتمع المدني الحقوقي في مصر، حيث لجأ أغلبهم في التسعينات وبداية الألفية لتأسيس منظمات حقوقية بعدما ضاق بهم الحال في المتسع السياسي، وتحول معظم الأحزاب التي ينتمون إليها إلى أحزاب كرتونية إما بفعل الدولة، أو لأسباب أخرى تتعلق بتمسك هذه الأحزاب بقيم قديمة لم تعد مناسبة لتطورات الألفية الجديدة. 

وقد كان لاتجاه أغلب النشطاء السياسيين من فصيل اليسار وقتها إلى المجتمع المدني كمتنفس بالغ الأثر في تبرير خطيئة خلط العمل المدني بالعمل السياسي، مما أدى إلى إنحراف المجتمع المدني عن مساره وإساءة استغلاله لأغراض سياسية. 

وبحكم الزمن والتجربة، أصبحت قيادات الجيل الثاني من المجتمع الحقوقي - اليساري (إذا صح التعبير) في مصر رموزاً لجأت لها حكومة الببلاوي لتعيينها في المجلس القومي لحقوق الإنسان في 2013. فأحضروا معهم نفس الخلط ونفس الخلل الذي أحدثوه في المجتمع المدني إلى مؤسسة وطنية تابعة للدولة، دورها الأساسي هو دعم سياسات الدولة المتعلقة بحقوق الإنسان وتحفيز مؤسسات الدولة على اتخاذ مسألة حقوق الإنسان في الاعتبار وإمداد المجتمع الدولي بحقائق عن حالة حقوق الإنسان في مصر بشكل دوري يبطل أي محاولة معادية لتشويه مصر تحت ستار الحقوق والحريات كما رأينا وعانينا في الشهور الماضية. 


لكن بدلأ من أن يقوم المجلس القومي لحقوق الإنسان بهذا الدور، وجدناه في أغلب الوقت متراخٍ ومفكك، ويعاني من الصراعات الداخلية الغير مبررة بين أعضائه، وكلها صراعات قائمة على اختلافات في وجهات النظر السياسية بين دعم الدولة أو معادة الدولة، وليس في صميم العمل الحقوقي المنوط بهم أداؤه. 

وجرت العادة عند المجلس القومي لحقوق الإنسان، بتشكيله الحالي، كلما أراد أن يثبت أنه يعمل، أن يضرب على الجرح القديم في جسد الدولة بأن يعلن العداء لوزارة الداخلية، مرة من خلال بيانات تتحدث عن وقائع فساد أو تعذيب تمت قبل الثورتين، ومرة بتعمد إحراج الوزارة بعمل تصرفات غير مسؤولة مثل الزيارة المفاجئة للسجون، وهو أمر مخالف للقانون أصلاً، وعندما تطالبهم الوزارة بالحصول على تصريح أولاً وفقاً للقانون، يخرجوا إلى الإعلام الدولي مشهرين بها. 

حتى عندما كانت تدعوهم وزارة الداخلية بنفسها لعمل زيارات للسجون، كانوا يعودون من الزيارة ليملأوا الإعلام الدولي والمحلي صخباً بخناقات ليس لنا بها شأن، لمجرد أن بعض أعضاء المجلس أشاد بتطوير ما أو أثنى على أداء الداخلية في أمر ما، مثلما حدث في واقعة التشهير التي قادها جورج إسحق وراجية عمران ضد المحامي المحترم حافظ أبو سعدة الذي يعد واحداً من قلة قليلة جداً داخل المجلس تعي وتفهم بالضبط الفرق بين الحزب السياسي والمؤسسة الوطنية. 

الطريف، أنه صدرت تصريحات اليوم وأمس على لسان قيادات في المجلس القومي لحقوق الإنسان بأنهم حددوا في اجتماعهم هذا الشهر بعض المواعيد لزيارة أماكن الاحتجاز، للمرة المليون، ونسوا أن مدة عمل المجلس قد انتهت بمجرد انتخاب مجلس النواب، وأن دور التشكيل الموجود حالياً هو فقط تسيير أعمال المجلس الإدارية الداخلية لحين صدور قرار بالتشكيل الجديد. 

مشاكل أماكن الاحتجاز والسجون في مصر معروفة للجميع وليست سراً، وهي إما مشاكل مرتبطة بالفساد من جانب أفراد الشرطة (مثلاً: إهانة المواطن، تعذيب، رشوة، إلخ) أو ظروف احتجاز غير آدمية (مثلاً: التكدس، ضيق أماكن الاحتجاز، عدم وجود أماكن نوم، عدم وجود مصادر تهوية جيدة). ولا أعرف ما الذي سيضيفه زيارة أخرى لهذه الأماكن من جانب المجلس القومي؟ 

لو أن المجلس القومي استغل ربع الوقت الذي استغله في تنظيم الزيارات والخناقات التي تتبع كل زيارة لسجن، في أن يساعدوا وزارة الداخلية التي تعمل بكد منذ سنوات على تطوير السجون وأماكن الاحتجاز وتدريب أفرادها على مراعاة معايير حقوق الإنسان في عملهم، لكان المجلس قد أدى دور يمكن أن نشكره عليه الآن في نهاية فترة عمله الحالية. 

لكن رب ضارة نافعة، ولعل هذا يكون تنبيه للسادة أعضاء البرلمان في التدقيق في اختيار أعضاء مجلس حقوق الإنسان في تشكيله الجديد، بحيث يتم مراعاة الخبرة الحقوقية، والتنوع العمري والأيديولوجي بين الأعضاء، مع تعديل قوانين عمل المجلس القومي لتلزم كل الأعضاء بعدم الخلط بين التوجهات السياسية للعضو وعمله الحقوقي داخل المجلس، حتى لا نكرر نفس الخطأ في وقت يتربص فيه العالم بنا.