Thursday, August 18, 2016

ثلاث رسائل تحملها اعترافات أحمد المغير عن ميليشيات رابعة: أمل، وإبتزاز، وطلب تعاون



لم تكن اعترافات أحمد المغير مفاجأة لنا، نحن الذين شهدنا أحداث فض رابعة بأعيننا وراقبنا ووثقنا ما مارسه فيها الإخوان من عنف وكيف حملت ميليشياتهم السلاح في وجه قوات الشرطة التي كانت تؤدي واجبها في حفظ الأمن. لكن اعترافات شخص مثل أحمد المغير، لا يمكن أبداً أن تُأخذ إلا باهتمام شديد. 

أحمد المغيرهو واحد من قيادات الإخوان الشباب المعروفين، وكان الذراع الأيمن لخيرت الشاطر فيما يخص تدريب المليشيات وتوزيعها وتكليفها بالمهام، وكان أيضاً هو وعبد الرحمن عز من قاموا بالاعتداء على ومنع الوفد الحقوقي الذي ذهب لزيارة رابعة بعد ترديد أنباء نفاها زعماء الإخوان وقتها، بأن هناك أسلحة متنوعة تم تسريبها إلى داخل اعتصام رابعة. 

أي أن شهادة شخص مثل المغير تعتبر دليل إدانة قاطع للمعتصمين في رابعة، ودليل براءة لقوات الشرطة التي أتهموها كذباً أمام الرأي العام العالمي بأنها بالغت في استخدام القوة وارتكبت مذبحة في حق مدنين مسالمين وعزل. والأهم من ذلك أن اعترافات المغير تقضي تماماً على مصداقية زعماء الجماعة الهاربين خارج مصر، فقد كانت حجتهم للبقاء في دول أوروبية أو حتى أمريكا طوال الفترة الماضية هي الترويج لأكذوبة أنهم معارضين سياسيين ديمقراطين لم يمارسوا العنف أبداً ولم يحرضوا عليه. 

ما الذي دفع أحمد المغير أن يدلي بهذه الاعترافات الخطيرة عن تسليح رابعة وتفاصيل تكوين وتوزيع الميليشيات داخل الاعتصام؟ ولماذا الآن؟ بالبحث في تاريخ الجماعة ونماذجها السلوكية، أستطيع الجزم بأن اعترافات المغير لم تكن صحوة ضمير، ولكن لها أبعاد استراتيجية يرجوها هو وجيله من شباب الجماعة، ويمكن تلخيص هذه الأبعاد في ثلاث رسائل تحديداً موجهة لأطراف بعينها حملتها هذه الاعترافات، على النحو التالي: 

1. رسالة أمل إلى القواعد المُحبَطة في جماعة الإخوان ومؤيديها، 
مفادها أن جيل الشباب الحالي في الجماعة لديه القدرة والقوة على حمل الأمانة وحفظ تاريخ الجماعة مثل سابقيه، وأن اتهام البعض داخل الجماعة لهذا الجيل بأنه ضعيف أو أنه تخلى عن قياداته أمر غير صحيح، وأن سبب فشل الإخوان في أعقاب فض رابعة والذي ترتب عليه إنهيار الجماعة بالكامل، إما بسبب هرب بعض القيادات أو حبس بعضها، وتدمير المليشيات وإنهاكها، لم يكن خطأهم هم كشباب قيادين داخل الجماعة، ولكن بسبب خيانة ما حدثت بين الصفوف – على حسب وصف المغير.

2. رسالة إبتزاز إلى قيادات الجماعة الذين تخلوا عن شبابها، 
حيث أن شباب الإخوان – ومنهم المغير – كانوا ينتظرون من قيادات الإخوان الهاربين أن يأخذوهم في ركابهم أو يأمنوا حياتهم ومستقبلهم، أو حتى يستمروا في الصرف عليهم وإرسال الأموال من أجل التسليح والتنظيم والاستمرار في تغذية المليشيات، لكن الخلافات الداخلية على الزعامة التي أغرق فيها زعماء الجماعة الهاربين أنفسهم، وفشلهم في اتخاذ أي قرارات مؤثرة الفترة الماضية، وتجاهلهم الطويل لشباب الجماعة وقواعدها، قد أدى إلى زيادة حدة الإحباط في نفوس هؤلاء الشباب والقواعد، وخصوصاً بعد أن تم حبس أغلب القيادات الوسطى التي كانت تتولى مهمة الصرف والتنظيم بالنيابة عن القيادات الهاربة. فلعل المغير، أراد باعترافه هذا أن يقض مضاجع القيادات الهاربة، ويذكرهم بأن شباب الجماعة ما زالوا عنصر مهم في المعادلة، وأنهم أحق وأولى باهتمام هؤلاء القيادات، فبيدهم أن يحافظوا على الجماعة وحياة قياداتها واستقرارهم في نعيم دول الغرب، أو يدمروا كل شيء بمجرد كتابة بوست على الفيسبوك.  

3. رسالة عرض تعاون إلى الجماعات الإرهابية الأخرى في المنطقة، 
خصوصاً تلك التي تسعى بلا هوادة لاستهداف مصر وتدميرها على غرار ما حدث في سوريا وليبيا واليمن، ولم يمنعهم عن تحقيق هدفهم حتى الآن سوى حقيقة أن عملياتهم الإرهابية قد انحصرت في سيناء فقط بما لا يؤثر على مسيرة التطور الديمقراطي والتنمية الاقتصادية في مصر، بمعنى أن فشل هذه التنظيمات الإرهابية في تدمير مصر حتى الآن سببه الأكبر هو عدم قدرتها على الوصول إلى القاهرة ومحافظات وادي النيل، حيث توجد تفاصيل الحياة الحقيقية للمصريين. والحقائق تقول أن الإخوان المسلمين هي الجماعة الإرهابية الوحيدة التي لديها القدرة على الوصول للعاصمة والمحافظات المركزية، والقيام بأعمال إرهابية داخلها، وبهذا يكون ما قدمه المغير من استعراض لقوات وقدرات ميليشيات الإخوان في مواجهة قوات الشرطة المصرية، كان بمثابة طرق أبواب لعرض التعاون على التنظيمات الإرهابية الصديقة في المنطقة، علها تستجيب وتبدأ في مدهم بالأموال والأسلحة ليستكملوا مخططهم التخريبي الذي تجمد تماماً منذ ما يقرب من عام ونصف.

ستثبت لنا الأيام مدى صحة هذه الفرضيات، إلى حينها فلنراقب ما سوف يحدث بحذر.